شجرة الزيتون: جذور راسخة في تاريخ وهوية فلسطين


منذ قرون طويلة، زُرعت أشجار الزيتون على تلال ووديان فلسطين. وما زالت بعض أقدم أشجار الزيتون في العالم قائمة هناك، جذورها عميقة في التربة، وأغصانها تمتد كأنها تحمل ذاكرة مواسم لا تُحصى.


شكلت هذه الشجرة مصدر رزق أساسي للفلسطينيين، توفر مؤنة البيت ولقمة العيش الأساسية ومن هنا جاء القول الشائع "على الخبزة والزيتونة" للدلالة على العيش على ما يسد الرمق. وهناك أيضًا المثل الشائع "الزيت عمود البيت" أي أنه المؤونة الأساسية في بيت الغني والفقير.


يتركّز معظم إنتاج الزيتون في الضفة الغربية حيث توجد أكثر من10  ملايين شجرة زيتون تمتد على نحو 86 ألف هكتار، ما يشكّل جزءًا مهمًا من الأراضي الزراعية الفلسطينية.

وفي كل خريف، تجتمع العائلات لقطف الثمار وتحويلها إلى زيت يمدّ المطابخ والأرزاق والتقاليد بالحياة. وزيت الزيتون ليس مجرد عنصر أساسي في المطبخ الفلسطيني – من الزعتر والخبز إلى اليخنات الدسمة – بل يستفاد منه في صناعة الصابون الذي تشتهر به مدينة نابلس.






رمز الصمود والانتماء

تحوّلت شجرة الزيتون إلى ركيزة من ركائز الهوية الفلسطينية حيث تُجسّد معنى الصمود بقدرتها على العيش مئات، بل آلاف السنين، رغم قسوة الظروف. ولهذا، فهي ليست مجرد محصول، بل رمزٌ للاستمرارية والانتماء، وعلاقة لا تنقطع بين الإنسان وأرضه.



"باقون ما بقي الزعتر والزيتون"

ورغم أن اقتلاع وتدمير أشجار الزيتون يُستخدم كوسيلة لانتزاع الأرض وتهجير أصحابها، يبقى موسم القطاف مناسبة للوحدة والأمل. حيث يعمل الأهل والجيران جنبًا إلى جنب في القرى، يتشاركون العمل، ويرثون الحكايات والأغاني والتراث جيلًا بعد جيل.





الزيتون في الأدب والفن الفلسطيني

لم تغب شجرة الزيتون عن الفنون والأدب الفلسطيني؛ فهي حاضرة في اللوحات، كما في الشعر. وهنا، نستحضر هذا البيت للشاعر محمود درويش "لو يعرف الزيتون غارسَهُ، لأصبح الزيت دمعًا. 



أكثر من مورد زراعي

إن شجرة الزيتون ليست فقط ثروة زراعية، بل هي كنز ثقافي ورمز للسلام والمثابرة. ودعم العائلات الفلسطينية في الحفاظ على هذا الإرث يعني حماية سُبل العيش والهوية في آن واحد.




عمرها من عمر التاريخ

وكما أنبتت أرض فلسطين الزيتون، فهي أثمرت أيضًا شعبًا مكافحًا يقف بثبات متجذرًا في أرضه يزرع، بإصرار ما اقتلع منها، ويتمسك بشجاعة بهويته ورموزها.  


عند الحديث عن زيتون فلسطين، نحن لا نتحدث عن زراعة فحسب، بل عن ذاكرة وهوية ورمز صمود مغروسة عميقًا في قلب فلسطين.  


المنشورات ذات الصلة

من الجامعة إلى سوق العمل: خريجو التعاون يشاركون تجاربهم ونصائحهم

نفتح مساحة يشارك فيها الخريجون تجاربهم ويقدّمون نصائح عمليّة للطلاب المقبلين على التخرّج ودخول سوق العمل. لأن أفضل النصائح تأتي من الذين كانوا قبل سنوات قليلة فقط على نفس مقاعد الدراس...

  • التعاون

  • ۱۰ أيلول ۲۰۲٥

التطريز الفلسطيني: خيطٌ يروي حكاية وطن

كأنّ الخيط والإبرة تحالفا معاً ليحيكا ويحفظا قصة شعب بأكمله. ماذا تعرف عن فن التطريز الفلسطيني...

  • التعاون

  • ۲٦ أيار ۲۰۲٥

إبراهيم بطل خارق صغير: هكذا ساعده التأهيل الحركي على الوقوف على قدميه

زاد تمسّك إبراهيم ببطله الخارق "سبايدرمان" من إصراره على المشي استعداداً لإنقاذ العالم من الأشرار! تعالوا نتعرّف على بطلنا الصغير، المصاب بالشلل الدماغي، وهو يستعد للمشي والاقلاع في رحلته من مركز العلاج الفيزيائي والتأهيل في صيد...

  • التعاون

  • ۲۸ نيسان ۲۰۲٥

تطوير مناهج وطرق تعلّم فعّالة في مرحلة الطفولة المبكّرة وصولاً لتعليم نوعي

باعتبار أن الهدف الرئيسي من مرحلة الروضة هو تنمية الطفل بشكل شامل من الناحية الذهنية والجسدية والاجتماعية والعاطفية في بيئة آمنة ومحفزة، فإن ضمان مرافقة الطفل بالأسلوب المناسب أمر أساسي للوصول إلى الأثر المنشو...

  • التعاون

  • ۲۷ شباط ۲۰۲٥