التطريز الفلسطيني ليس مجرّد زينة على القماش، بل هو خريطة مصغّرة لفلسطين بكل تضاريسها. من الشمال إلى الجنوب، من الجبال إلى الشواطئ، من الغابات إلى الصحراء… لكل منطقة نقش، ولكل نقش رواية، وكأن التطريز وجد كي يكون توقيعًا دائمًا على هوية هذا الشعب.
ما الذي يميز التطريز الفلسطيني؟
يتميز التطريز الفلسطيني بدقته، وجماله، وتنوع أشكاله.
تزينت به النساء الفلسطينيات، فكانت أثوابهن مختلفة عن باقي النساء في الدول المجاورة مثل لبنان والأردن.
ورغم النكبات، لم تترك النساء هذه الحرفة. على العكس، حوّلنها إلى فعل مقاومة وهوية. فكل غرزة خيط تقاوم محاولات طمس الوجود الفلسطيني.
أنماط التطريز الفلسطيني: من أين تأتي؟
لكل منطقة في فلسطين طابعها الخاص في التطريز – الألوان، الأشكال، والغرز المستوحاة من طبيعة المكان. وهناك نوعان رئيسيان من الغرزة:
الغرزة الفلاحية (المصلبة): الأكثر انتشاراً، وتُستخدم في معظم القرى.
الغرزة التحريرية: تميزت بها بيت لحم، وتُطرّز بخيوط ذهبية أو فضية.
بعض أنماط التطريز بحسب المدن:
يافا: سرو وبرتقال
أريحا: أشكال هندسية
الخليل: خيمة الباشا
رام الله: النخلة
غزة: القلادة والسروة
بئر السبع: الحجب
هل تعلم؟
كانت نساء القرى هنّ من يحترفن التطريز ويزيّنّ به الأثواب والوسائد والأغطية، أما في المدن فكان ارتداء هذه الأثواب أقل شيوعاً.
أين يُطرّز الثوب الفلسطيني؟
الياقة: لأنها الأقرب للوجه وأول ما يلفت النظر.
الأكمام: تكمّل التطريز وتضيف امتداداً جمالياً.
الذيل (أسفل الثوب): يلفت الانتباه عند الحركة.
الخصر: يربط بين الجزء العلوي والسفلي من التطريز.
ماذا عن الألوان؟
ألوان التطريز ليست عشوائية، بل مرتبطة بالمكان والحالة الاجتماعية:
رام الله: الأحمر والأسود.
غزة وبيسان: اللون البنفسجي والأزرق
الحداد: الأزرق الداكن على أطراف الثوب
العروس: درجات الأحمر.
السيدات الأكبر سناً: ألوان داكنة، في حين تفضل الشابات الألوان الفاتحة.
اعتراف عالمي
في عام 2021، أدرجت اليونسكو فن التطريز الفلسطيني ضمن قائمة التراث الثقافي غير المادي. خطوة مهمة تعترف بأهمية هذه الحرفة كجزء لا يتجزأ من الهوية الفلسطينية.
هل كنت تتوقع أن خيوطًا صغيرة يمكنها أن تحمل هذا الكم من التاريخ؟
التطريز الفلسطيني ليس مجرّد فن، إنه مقاومة ناعمة، وهوية مطرّزة بحب وحنين.
صور التطريز مأخوذة من كتاب التطريز الفلسطيني- غرزة الفلاحي التقليدية / وداد قعوار وتانيا تماري ناصر
