تأمين شتاء دافئ لأطفال مخيمي البداوي ونهر البارد

"لم أشتر ملابس الشتاء لابنتي بعد! الأوضاع المعيشية هذه الأيام صعبة للغاية. أما عندما تطلب ابنتي أن أشتري لها أي غرض جديد، فأقول لها غداً، أو بعد غد، أو عن قريب، لكن القريب ليس معلوماً ولا مضموناً بالنسبة لنا." بهذه العبارة تختصر إيمان وهبي، أم لخمسة أطفال، واقع مئات الأسر المهمّشة التي تعيش ما دون خط الفقر في المخيمات الفلسطينية في لبنان. 


تعيش إيمان في مخيم نهر البارد، وأصغر بناتها "تالا"، أربع سنوات، تذهب للروضة بحماسة كبيرة، وابتسامة أكبر. الفرحة بالنسبة لتالا ألعاب جديدة، وملابس جميلة، ونزهات. "هل أستطيع توفير جزء منها لتالا اليوم، بالطبع لا!" تقول إيمان، "أوضاعنا صعبة وتزداد صعوبة مع الأزمة، لكن فرحة تالا اليوم لا توصف. فهي تعرف أنها حصلت على قسيمة لشراء ألبسة شتوية جديدة، وتستعد لرحلة التسوق."   


    

حصلت تالا على قسيمة شراء ألبسة شتوية بقيمة خمسين دولاراً ضمن مشروع "الدفء لأطفال مخيمات الشمال من أجل عودة مأمونة إلى التعليم"، الذي يُنفذ بدعم من الصندوق الإنساني للبنان ومؤسسة التعاون، وبالشراكة مع جمعية البرامج النسائية، ومؤسسة بيت أطفال الصمود. يوفر المشروع 3400 قسيمة شراء ألبسة شتوية لجميع الأطفال المسجلين في رياض الأطفال في كل من مخيم البداوي ونهر البارد، ويترك لهم حرية اختيار ما يحتاجه الأطفال من الثياب.    

 

بالنسبة لإيمان والدة تالا، ستقوم بشراء سروال وكنزتين لابنتها، "بتضل تالا تقولي جيبيلي وفرحيني، وأنا بدي فرّحها اليوم!"     


 

تعتمد أسرة تالا على عمل الأب وهو حلاق للرجال يعمل داخل مخيم نهر البارد. "ما اختلف هذه الأيام هو تدني المردود المادي من العمل قياساً بمتطلبات الحياة الأساسية التي ارتفعت بشكل غير مسبوق"، تقول إيمان، "فيذهب زوجي للعمل منذ الصباح الباكر ولغاية المساء، لكننا ما عدنا قادرين على توفير نصف احتياجاتنا مقارنة مع الماضي. ففي السابق كنت قادرة على شراء اللحمة مرتين بالأسبوع وشراء الدجاج مرة بالأسبوع، أما الآن فما عدنا قادرين على توفيرها ولو مرة بالأسبوع. أما حاجيات البنات فحدّث ولا حرج. لذلك، جاءت هذه القسيمة الشرائية في وقتها تماماً مع قدوم برد الشتاء ومتطلباته. أشعر بالامتنان لكل من يساندنا في هذه الأيام الصعبة."  


يوسف حصل على ثياب شتوية جديدة


وفي نهر البارد أيضاً، يغادر يوسف، أربع سنوات، منزله برفقة إخوته كل صباح. هم يتوجهون إلى المدرسة، وهو يذهب إلى روضته في بيت أطفال الصمود في مخيم نهر البارد، وجميعهم لا يحملون معهم "الزوادة". تقول هبة، والدة يوسف، "زوجي لا يعمل منذ شهرين، والوضع يضيق علينا. نحن عائلة مؤلفة من سبعة أفراد وأصغر أطفالي عمره سنتان، هم بحاجة لكل شيء من الغذاء إلى الثياب، ونحن غير قادرين على توفير أغلبية احتياجاتهم."   


ضمن مشروع "الدفء لأطفال مخيمات الشمال من أجل عودة مأمونة إلى التعليم" تسلّمت والدة يوسف قسيمة شراء ألبسة شتوية بقيمة خمسين دولاراً.  

 


تتكلم هبة بصوتها الرفيع وهي تنظر إلى طفلها بين يديها وتقول، "أكثر ما يحتاجه يوسف اليوم هو جاكيت وكنزة وملابس داخلية. أنا لم أستطع شراء أي قطعة ثياب جديدة لأيّ من أطفالي في هذا الموسم. هناك العديد من الحاجيات التي توقفنا عن شرائها ليس للأطفال فقط، بل لنا أيضاً. كل شيء أصبح من الكماليات، حتى أننا أصبحنا نقنن بشراء الأكل، فأشتري الفواكه مرة بالأسبوع فقط، ووصل التقنين حد عدم قدرتي على تحضير زوادة المدرسة للأطفال."

  

العيش كل يوم بيومه هو السبيل الوحيد الذي يبقي على بارقة الأمل بجديد ما قد يحمله الغد لهذه الأسرة. "ها هي القسيمة الشرائية أفرحت يوسف وخففت عني عناء توفير الدفء له هذا الشتاء. عسى أن تطالعنا أيام مماثلة"، تقول هبة حاملة على وجهها دمعة وطيف ابتسامة.           

المنشورات ذات الصلة

خارج حدود المخيم: الشباب الفلسطيني في لبنان يبحث عن أحلامه ويبني مستقبله

حوّل الكثير من الشباب الفلسطيني ضيق أحوالهم وقساوة واقعهم كمنصة للانطلاق إلى عالم على اتساع طموحهم بالرغم من كثرة التحديات التي تقف أمامه...

  • التعاون

  • ۱۳ شباط ۲۰۲٤

الرعاية الطبية المنزلية للمسنين في مخيم البداوي

مع تدهور الأحوال المعيشية في لبنان تزداد التحديات التي تواجه المسنين ولاسيما داخل المخيمات الفلسطينية التي يعاني سكانها من فقر شديد. فانطلق مشروع توفير الحماية والخدمات الصحية للاجئين الفلسطينيين المسنين في مخيمات البداوي ونهر البارد والجلي...

  • التعاون

  • ۸ كانون الثاني ۲۰۲٤

الغرافيتي في المخيّمات الفلسطينية في لبنان: الجدران تتكلم

لم تأت الفنون من فراغ، بل كانت دوماً انعكاساً لمخيلة الفنان أو تفاعلا مع محيطه. وسيلة للتعبير، بالطبع، فكيف إذا كان التعبير ممنوعاً، والرأي مقموعاً، والظلم، والقهر في قلب الإنسان...

  • التعاون

  • ۱۸ كانون الاول ۲۰۲۳

الأطفال ذوي الإعاقة في المخيمات الفلسطينية في لبنان: حقهم بالعلاج محفوظ

تمر على سكان المخيمات ظروف صعبة، لكن أصعبها يبقى عدم استطاعتهم توفير العلاج المطلوب لأبنائهم. فبالنسبة للأطفال ذوي الإعاقة العلاج طويل ومكلف ويحتاج لتقييم ومتابعة دائم...

  • التعاون

  • ۷ كانون الاول ۲۰۲۳