إنفجار مرفأ بيروت؛ لحظاتٌ توقّف فيها الزمن

استرجاع لحظات الانفجار الأولى لمرفأ بيروت يحرّك الكثير من المشاعر التي كان من الواضح أن حنان تحاول السيطرة عليها. وبالرغم من أنها كانت تأخذ نفساً عميقاً بين الجملة والاخرى إلا أن يداها كانتا ترتجفان، وكذلك صوتها. حنان كركي، ممرضة في قسم عناية الاطفال وحديثي الولادة في مستشفى بيروت الحكومي في الكرنتينا، المستشفى الأقرب من منطقة المرفأ والانفجار المرّوع الذي هزّ لبنان في الرابع من آب 2020. 



تقول حنان، "لحظة وقوع الانفجار احتجنا بعض الوقت لنستوعب ما حصل. كان الدمار شاملاً في كل مكان، والدخان يمنعنا من الرؤية. كل شخص من فريق التمريض قذفه الانفجار الى زاوية مختلفة. بدأنا ننادي بعضنا البعض "زينب... فاطمة.... نسرين"، وبدأنا البحث عن الأطفال فوراً. في تلك اللحظة، بدأت أنا بالبكاء! وبينما كنت أبحث عن الأطفال لنقلهم الى الخارج، تفاجأت بزميلتي مطروحة على الأرض تغطيها الدماء وتصرخ بأعلى صوتها، "لا أرى بعيني، لا أرى شيئاً". كان المشهد مرعباً، وكان حقيقياً أيضاً. ساعدتها على عجل، وتأكدّت ألّا ضرر على عينيها، من ثم بدأت هي تصرخ وتقول لي، "اذهبي الى الأطفال، اذهبي بسرعة، وتأكدي إن كانوا بخير." 


كان الدمار في قسم الأطفال وحديثي الولادة كارثياً، لكنّ حاضنات الأطفال لحديثي الولادة شكلّت نوعاً من الحماية لهم من الجدران التي هوت على الأرض بالكامل. بدأنا بنقل الأطفال إلى خارج المستشفى. وهذا يعني المشي مسافة طويلة على الأقدام، فالدمار كان شاملاً ومخيفاً ولا يستطيع أيّ كان الوصول إلينا ولا حتى سيارات الإسعاف، فقط من خلال شاحنة للجيش استطعنا أن ننقل الأطفال إلى مستشفيات أخرى. 




لم أتوقف عن البكاء طيلة ذلك الوقت، وما زالت أرتجف لليوم من هول تلك اللحظات، تقول حنان، "عندما وصلت الى القسم الآخر من المستشفى، وجدته مدمّراً بالكامل وباب غرفة العمليات مخلوع، كان الأطباء في تلك اللحظة يقومون بعملية جراحية لأحد الأطفال، فاضطروا لوقف العملية قبل استكمالها ومن حسن حظ الطفل أن الأضرار التي وقعت بالغرفة كانت محدودة مقارنة مع باقي أجزاء المستشفى. العناية الالهيّة أنقذت هؤلاء الأطفال، وكان عددهم أحد عشر طفلاً ولم يصب أيّ منهم بأذى، وأنقذتنا نحن بالتأكيد. إنها لحظات أتمنى لو يمكنني محوها من ذاكرتي تماماً." 


أطلقت مؤسسة التعاون حملة "متضامنون مع بيروت" بُعيد انفجار المرفأ، وساهمت عبرها بتجهيز وحدة للمناظير المتخصصة في مستشفى بيروت الحكومي في الكرنيتنا التي تضررت بشكل شبه كامل نتيجة انفجار مرفأ بيروت في الرابع من شهر آب 2020.

المنشورات ذات الصلة

الثوب الفلسطيني: تطريز عابر للحدود يحكي قصة فلسطين

لن نحكي هنا عن الثوب الفلسطيني فحسب، بل عن قدرته على التحوّل إلى رمز، وموضة، وهوية. إنها قدرة التصميم والتطريز في إضفاء حياة على القماش، والتعبير عن موقف، وفي سرد الحكاية الفلسطيني...

  • التعاون

  • ۲۲ أيار ۲۰۲٤

حياة جديدة أمام المسنين في مخيم الجليل في بعلبك

لدى أمينة الكثير لتحتفل به الآن! مع استلامها الكرسي المتحرك، تستعد لحياة جديدة بعدما قضت ست سنوات داخل أبواب منزله...

  • التعاون

  • ۱٦ أيار ۲۰۲٤

خارج حدود المخيم: الشباب الفلسطيني في لبنان يبحث عن أحلامه ويبني مستقبله

حوّل الكثير من الشباب الفلسطيني ضيق أحوالهم وقساوة واقعهم كمنصة للانطلاق إلى عالم على اتساع طموحهم بالرغم من كثرة التحديات التي تقف أمامه...

  • التعاون

  • ۱۳ شباط ۲۰۲٤

الرعاية الطبية المنزلية للمسنين في مخيم البداوي

مع تدهور الأحوال المعيشية في لبنان تزداد التحديات التي تواجه المسنين ولاسيما داخل المخيمات الفلسطينية التي يعاني سكانها من فقر شديد. فانطلق مشروع توفير الحماية والخدمات الصحية للاجئين الفلسطينيين المسنين في مخيمات البداوي ونهر البارد والجلي...

  • التعاون

  • ۸ كانون الثاني ۲۰۲٤