الرعاية الطبية المنزلية للمسنين في مخيم البداوي
نخصّص في عملنا داخل المخيمات متابعة دائمة لفئة المسنين من خلال المشاريع والبرامج المختلفة التي نقوم بتنفيذها ولاسيما التدخلات الصحية. من هنا كانت معرفتنا بحالات مختلفة تطلب المتابعة والدعم.
وعكة صحية غيّرت حياتي
انقلبت حياة "قاسم سرحان" في لحظة واحدة. ومن شخص اجتماعي حيوي يعمل في أحد أفران الخبز القريبة من مخيم البداوي، ويتجول دائماً في شوارع المخيم ويزور الأصدقاء، بات طريح الفراش وحركته معدومة نتيجة جلطة دماغية. لم يكن يعاني من أي مرض أو ضغط في الدم أو أية عوارض أخرى، فقط شعر بصداع شديد انتهى بجلطة شلّته عن الحركة نهائياً منذ أكثر من ثلاث سنوات.
يعيش قاسم، 72 عاماً، مع زوجته في مخيم البداوي ويقع منزلهما في الطابق الثاني من مبنى سكني مما يصعّب من عملية نقله من البيت ولو على كرسي متحرك. وحتى زيارة الطبيب تستدعي ترتيبات وتجهيزات كثيرة.
تقول زوجته سحر، "زوجي بحاجة إلى متابعة دائمة خاصة أنه لا يستطيع الحركة أبداً فنسعى دائماً إلى تتبّع المؤشرات الصحيّة الأساسية وتوفير الأدوية اللازمة، والتأكد من عدم إصابته بتقرحات جلدية. لذلك، تشعرنا زيارات المتابعة المنزلية المختصة بالراحة، وبأن هناك من يتابع، ويدقق، ويحدّد ما إذا كان بحاجة إلى تدخل، أو استشارة مختصة، وما شابه. فهذه الزيارة الثالثة ونحن بغاية الامتنان لهذه المبادرة."
وتضيف، "يتواجد الأولاد باستمرار إلى جانبنا لكن الوضع صعب للغاية. فاضطررنا منذ حوالي ثلاثة أشهر الى وقف العلاج الفيزيائي لأن كلفته باتت مرتفعة جداً، وعلينا توفير الدواء الذي ارتفعت أسعاره أيضاً. فلا نستطيع توفير الأمرين في الوقت نفسه. لكنه بدأ ضمن المشروع يتلقى جلسات علاج فيزيائي في المنزل وهو أمر في غاية الأهمية لحالته كما يقول الطبيب، ويعطيه الأمل بأنه سيتحسن ويستطيع تحريك أطرافه قدر المستطاع."
يبدو قاسم سعيداً بوجود الفريق وأسئلته، كما أنه في حماسة كبيرة للمشاركة في الأنشطة الخارجية التي يتضمنها مشروع توفير الحماية والخدمات الصحية للاجئين الفلسطينيين المسنين في مخيمات البداوي ونهر البارد والجليل. تقول سحر، "من شأن هذه النشاطات والخروج من المنزل بحد ذاته أن يحسّن حالته النفسية ويرفع معنوياته، فهو بطبعه محب للناس وللتواصل معهم. كما يملؤني الأمل بأن تساعد هذه النشاطات على تحقيق تقدّم في حالته فلربما استطاع أن يقف على رجليه، وهذا أملي!"
رعاية ترفع معنوياتي
تشمل زيارات الفريق المختص "فؤاد عبد الحفيظ"، 67 عاماً، الذي يبدو متيقظاً لكل حركة وكلمة تدور من حوله، يتابع الأخبار على التلفزيون، ويتفاعل مع أفراد عائلته من حوله في الوقت نفسه. أصيب فؤاد منذ عام تقريباً بجلطة تركته طريح الفراش، لكنه يخضع حالياً لثلاث جلسات علاج فيزيائي أسبوعياً في المنزل على أمل أن يستعيد قدرته على المشي والحركة. يجد فؤاد المتابعة المنزلية بادرة تدلّ على أن هناك من يهتم لوضعه ويتابع حالته ويساعد على رفع معنوياته. ويقول "هذا أمر يريح المريض كثيراً خاصة وأنني أعاني من ضغط الدم المرتفع، فأحتاج لمتابعة دائمة. كما أن الفريق يسأل عن تفاصيل الأكل والشرب والانتظام في تناول الأدوية ويستمع لأسئلتي. إنه أمر جداً مهم بالنسبة لي."
لم يغادر فؤاد منزله سوى مرة واحدة منذ أن أصيب بالجلطة في زيارة إلى بيروت، وهو الذي كان يعمل في محل للبقالة داخل المخيم. تعيق السلالم إمكانية خروجه من المنزل حيث يقيم في الطابق الأول من مبنى سكني في مخيم البداوي. ومع ذلك، فهو يتطلع إلى المشاركة في النشاطات المخصّصة لكبار السن في المخيم التي تقام ضمن المشروع بعدما أخبره الفريق المشرف بأنه سيؤمن نقله من وإلى البيت. أفتقد حياتي القديمة، يخبرنا فؤاد، “كل شيء تغير فجأة، وانحصر العالم كله بين أربعة جدران."
تجاوب سريع مع الفريق
أما "خديجة موعد" فباتت تنتظر الفريق المختص الذي يزورها مرتين أو ثلاث أسبوعياً لتفقد وضعها الصحي. وتستقبلهم في منزلها بابتسامة عريضة وأحيانا بأسئلة عن عوارض تشعر بها. يقول الممرض توفيق الحضري إنها "تعاني من ارتفاع في ضغط الدم ومشاكل في القلب تسببت بورم كبير في رجليها أثرّ على قدرتها على المشي. فباتت حركتها ثقيلة وقليلة، مما دفعها لتجنب المشي وهذا أمر يسيء لصحتها ويصعب من قدرتها على المشي لاحقاً. فعملنا في البداية على شرح وضعها وتبيان أهمية قيامها بالمشي داخل البيت ورفع رجليها عن الأرض على فترات مختلفة كي تسمح بتدفق الدم إليها. كما نقوم بتفقد المؤشرات الصحيّة الأساسية، والتأكد من تناولها الأدوية المطلوبة بمواعيدها. اليوم نجدها تمشي بضع خطوات في اليوم وهذا نعتبره بمثابة الإنجاز."
تقول خديجة، "شجعني الفريق كثيراً على المشي. فصرت أمشي إلى مدخل البيت وأضع كرسياً وأجلس في الخارج، إنها الطريقة الأفضل لأتواصل مع جيراني ولأشاهد الناس كباراً وصغاراً يتنقلون كل يوم. من بعدها أمشي على فترات مختلفة داخل المنزل بقدر ما تسمح به صحتي. بالطبع الحركة ومشاهدة الناس تشعرني بالفرح."
تعيش خديجة، 84 عاماً، في منزلها وحيدة لكن أبناءها وبناتها يتوزعون الأدوار للبقاء إلى جانبها وتوفير حاجيات المنزل الأساسية، والتأكد من تناولها الأدوية.
يقدّم مشروع توفير الحماية والخدمات الصحية للمسنين في مخيمات البداوي ونهر البارد والجليل الذي ينفذ بدعم من الصندوق الإنساني للبنان، الرعاية المنزلية لحوالي 720 مسناً عن طريق زيارات أسبوعية دورية من قبل ممرضين مختصين بالإضافة إلى توفير العلاج الفيزيائي، وتنظيم أنشطة مجتمعيّة للمسنين، وتقديم معينات حركية، وتغطية نسبية للعمليات الجراحية.
لن نحكي هنا عن الثوب الفلسطيني فحسب، بل عن قدرته على التحوّل إلى رمز، وموضة، وهوية. إنها قدرة التصميم والتطريز في إضفاء حياة على القماش، والتعبير عن موقف، وفي سرد الحكاية الفلسطيني...
۲۲ أيار ۲۰۲٤
لدى أمينة الكثير لتحتفل به الآن! مع استلامها الكرسي المتحرك، تستعد لحياة جديدة بعدما قضت ست سنوات داخل أبواب منزله...
۱٦ أيار ۲۰۲٤
حوّل الكثير من الشباب الفلسطيني ضيق أحوالهم وقساوة واقعهم كمنصة للانطلاق إلى عالم على اتساع طموحهم بالرغم من كثرة التحديات التي تقف أمامه...
۱۳ شباط ۲۰۲٤
لم تأت الفنون من فراغ، بل كانت دوماً انعكاساً لمخيلة الفنان أو تفاعلا مع محيطه. وسيلة للتعبير، بالطبع، فكيف إذا كان التعبير ممنوعاً، والرأي مقموعاً، والظلم، والقهر في قلب الإنسان...
۱۸ كانون الاول ۲۰۲۳