أهلاً بكم إلى عالم عامر
نعرّفكم على عامر، خمس سنوات، أحد أطفال روضة غسان كنفاني في مخيم الرشيدية.
هذه سنة عامر الثانية في الروضة. حضوره في الصف ليس عادياً فالابتسامة لا تفارق وجهه على الرغم من عدم قدرته على التعبير تماماً عن كل احتياجاته. يتفاعل بصورة رائعة مع رفاقه، ودائماً يحاول ويكرّر المحاولة أثناء حصص التعلّم.
عامر هو أحد الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة في الروضة، لكنه ليس الوحيد بالطبع. فالروضة دامجة، وهي واحدة من روضتين في مخيم الرشيدية تستقبل الأطفال من ذوي الاحتياجات الخاصة والصعوبات التعلّمية. "عندما وصل الى الروضة لم تكن مشيته متوازنة بعد ولا يستطيع الكلام بوضوح"، تقول غالية، المربية التي تواكب رحلة عامر في الروضة. وتضيف، "اليوم عامر يمشي ويتفاعل معنا في الأغاني والأنشطة بشكل ممتاز. حتى انني أستطيع القول بأنه حقق تقدماً بنسبة 70 بالمئة."
رحلة البحث عن روضة تستقبل عامر، بدأت عندما أكمل عامه الثالث، تقول سهام، والدة عامر. "عندما لم أجد من يستقبله شعرت بالفزع على مستقبل ابني، وأحسست للمرة الأولى كم أن مستقبله ومستقبل باقي الأطفال مثله من ذوي الاحتياجات الخاصة مجهول. البحث الطويل قادني الى روضة غسان كنفاني، وهي الروضة الدامجة الوحيدة في مخيمنا. لقد كان الامر بمثابة اكتشاف أفرح قلبي وأراحه. منذ البداية، كان هناك تنسيق كامل ما بيني وبين الروضة وخاصة المربية المشرفة على عامر في الصف. وعلى هذا الأساس، تم وضع خطة التدخل حيث ان تعليمه يستند الى قدراته بالأساس". وتتابع سهام قائلة، "دخول عامر الى الروضة غيّر الكثير من الأمور في شخصيته ونموه ككل. وأهم شيء أنه أصبح قادراً على التعامل مع الأطفال من حوله وعلى اللعب معهم بسلاسة. فوجوده في روضة دامجة وتعامله مع أطفال أصحاء أعطاه مهارات جديدة فأصبح يطور أساليب للتعامل والتفاهم مع محيطه وخاصة الأطفال، فخفّت عدائيته التي كانت نابعة بالأساس من عدم فهم محيطه لحاجاته. فلاحظت أن وجوده داخل الروضة وتفاعله اليومي مع الأطفال ساهم بشكل أساسي في تحسين طريقة تعامله مع الأطفال خارج الروضة. فصار الأطفال في الحارة يتقبلونه بشكل أكبر."
كيف هي أسّس التدخل مع عامر في الروضة؟ تعتمد الروضة منهج التعلّم النشط وتقدّم للأطفال مفاهيم تعلّمية محددة خلال العام. وتقول غالية، "بما يخص الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة، نقوم بتكييف المفاهيم التعلّمية خلال العام الدراسي لتتلاءم مع قدراتهم. أي بما معناه، نقدّم لهم نفس المفاهيم التي يتلقاها باقي الأطفال إنما بأسلوب يلائمهم. فاليوم وصلنا مع عامر الى مرحلة الكتابة، وهذه مرحلة جديدة ومهمة بالنسبة له. فنركّز حالياً على تمكينه من الإمساك بالقلم، علماً بأنه هناك أقلام مخصصة لمثل عامر يكون من السهل عليهم الإمساك بها. وأيضاً، عامر قادر اليوم على أن يلوّن، ويلعب بالمعجون لوحده."
شخصية عامر تغيرت منذ دخوله الروضة تقول والدته، "أصبح يحب أن يلعب مع اخوته في البيت دور الأستاذ ويطبّق معهم ما يتعلمه في الروضة. بدأ يتلفظ بكلمات جديدة فاليوم سمعته للمرة الأولى يقول بانه يريد أكل الأرز، هذه الكلمة جلبت لنا فرحة كبيرة في المنزل لا أستطيع وصفها."
وبصوت يحمل غصّة تتابع سهام قائلة، "عامر طفل جميل وهو أصغر أطفالي. جلب الفرحة لمنزلنا بابتسامته وبراءته لكنني أخاف عليه كثيراً. هو فرحتي كأم وأتمنى لو يستطيع الناس ان ينظروا اليه بعيوني. هو من يعطيني القوة والبهجة لكنني أخاف عليه من المستقبل. هدفي أن أطمئن بأنه سيكون بخير وقادراً على تلبية احتياجاته اليوم وغداً إن كنت الى جانبه أو لم أكن. فهو اليوم تحت جناحي، ولكن سيأتي يوم سيضطر الى أن يواصل الحياة لوحده، لذلك تمكينه أمر أساسي. أتمنى لو أن المجتمع يمسك بيد أهالي هؤلاء الأطفال الرائعين من ذوي الاحتياجات الخاصة لأننا بحاجة الى العون، ولأن نطمئن بأن أطفالنا سيكونون بخير في مجتمعهم. ما بعد الروضة مرحلة تقلقني لكنني سأظل أبحث عما يساعد عامر في رحلته."
يشكّل دعم عمل رياض الأطفال الدامجة محوراً أساسياً من تدخلات برنامج دعم التعليم في مرحلة الطفولة المبكّرة الذي تواكب تنفيذه منظمة اليونيسف ومؤسسة التعاون، وهو يهدف الى تعزيز نوعية التعليم ما قبل المدرسي في المخيمات الفلسطينية في لبنان. ويعمل البرنامج منذ سنوات على دعم عمل رياض الاطفال الدامجة عن طريق تجهيزها وتأهيلها وفق المعايير العالمية المتبعة، وتزويدها بالألعاب المتخصصة، وتنفيذ تدريب متخصص للمربيات حول التعليم الدامج لتمكينهن من المهارات والمعلومات المطلوبة للتعامل مع الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة، وتكييف الخطط التعلمية لتتلاءم مع قدراتهم. وساهم البرنامج برفع عدد رياض الأطفال الدامجة الى 13 روضة داخل مختلف المخيمات.
لن نحكي هنا عن الثوب الفلسطيني فحسب، بل عن قدرته على التحوّل إلى رمز، وموضة، وهوية. إنها قدرة التصميم والتطريز في إضفاء حياة على القماش، والتعبير عن موقف، وفي سرد الحكاية الفلسطيني...
۲۲ أيار ۲۰۲٤
لدى أمينة الكثير لتحتفل به الآن! مع استلامها الكرسي المتحرك، تستعد لحياة جديدة بعدما قضت ست سنوات داخل أبواب منزله...
۱٦ أيار ۲۰۲٤
حوّل الكثير من الشباب الفلسطيني ضيق أحوالهم وقساوة واقعهم كمنصة للانطلاق إلى عالم على اتساع طموحهم بالرغم من كثرة التحديات التي تقف أمامه...
۱۳ شباط ۲۰۲٤
مع تدهور الأحوال المعيشية في لبنان تزداد التحديات التي تواجه المسنين ولاسيما داخل المخيمات الفلسطينية التي يعاني سكانها من فقر شديد. فانطلق مشروع توفير الحماية والخدمات الصحية للاجئين الفلسطينيين المسنين في مخيمات البداوي ونهر البارد والجلي...
۸ كانون الثاني ۲۰۲٤